المهندسة رانيا سمير تكتب: ما أبهر العالم في مصر متاح طوال العام

أبهرت عمارة وتراث الأجداد مع الأضواء ورقي الغناء ضمن احتفالات الرئيس السيسي في ظل توجهات الدولة نحو الارتقاء بالعمارة والفنون التراثية الراقية والتي كادت أن تندثر مع أجداد وآباء الجيل المعاصر، وسط هذا الصخب المدمر لكلمات تشوه الوجدان والعقول على نغمات موسيقى تشعل الحماس عند الشباب وأصبحت ترند المهرجانات!
ولا يعلم هذا الجيل أن معاني تلك الكلمات كالسموم الذائبة في العسل، تميت القلب ويموت معه كل معاني الأخلاق والأصول، فأصبح جيل تائه بين الخطأ والصواب، بين فطرته التي تميل للصلاح وبين كلمات الضياع المغلف بسعادة مؤقته، ولا يعلم أن تلك السعادة والحيوية والترفيه سيجدها وأكثر في أي أوتار أو نغمات ولكن يجب أن يتعلم ثقافة الرفض لكل ما يشوه عقله ووجدانه واختيار ما يرتقي به وبمجتمعه الأصيل.
ويحب أن يعلم كل المصريين أن ما أبهرتم به العالم من عروض وفكر وثقافة وعمارة تعبر عن حضارتكم وطيب رقي أصلكم، هو جزء خرجت به لكم دار الأوبرا المصرية وتلك المشاهد المبهرة التي أسرت أعينكم وعقولكم ووجدانكم واستعادت شئ من حقيقتكم وكم أنتم عظماء متاح طوال العام في مكان ليس كباقي الأماكن فهي ثروه قومية متجددة بمبدعين مصريين وعظماء كما كان أجدادنا، فمصر لن تنضب من المبدعين والعلماء والعباقرة ولكن أشغلوكم بالتوافه وجملوا لأطفالها سلوك الانحطاط والانهزام الأخلاقي بأيدي ناعمة من نوع آخر ذائبة في عسل مبلل بمستقبل ممزق يلهثون وراءهم كالتوابع في تلك الكلمات المشبوهة.
الرقي موجود وكذلك الزلزال والشاكوش والعصابة وشواحة والعفاريت والصواريخ تتنتشر واهتزت كل معاني القيم والأخلاق الإنسانية، ولكم الاختيار، إما استكمال سنوات العمر في مزيد من الجريمة والضياع، أو توجيه اهتمام أطفالنا نحو الرقي لأن الطبيعة الإنسانية تميل للترفيه والبحث عن أوقات للسعادة وسط زحام الانشغال بمطالب الحياة، اجعل لنفسك وأبنائك وقت للاستشفاء من الهموم واختر الرقي وهم سيتبعون ما يسعدهم فيك وفطرتهم ستنفر من كل هذا التلوث السمعي والبصري والأخلاقي الذي أصبح يحيطنا من كل اتجاه.
تحية عطرة للدولة المصرية ودار الأوبرا والقائمين عليها وكل من يساهم في صناعة الجمال والرقي بهدف تأصيل معاني قيم حضارتنا المصرية القديمة وكنوز التراث لصورة الإنسان المصري الحقيقي المتقدم في كل المجالات المسجلة على جدران المعابد وهنا تكمن القيمة الاستثنائية للعمارة والفنون التشكيلية فهي شاهد على التاريخ وتلك المسيرة سيشهد عليها الأجيال القادمة بأيدي ناعمة نظيفة غير ملوثة.
ودار الأوبرا بشكل خاص ليست مجرد موسيقى أو مسرح عادي فيه بعض الفنانين، هي أعمق من ذلك بما لديهم من إمكانيات تأسرك فيها العمارة التعبيرية والتراثية وما يتجدد طوال الوقت من ديكورات وإضاءات وكأنك تدخل في عالم آخر نظيف غير ملوث يرتقي بك وبأسرتك دون أن تشعر وأتمنى أن يكون هناك عروض دائمة في المعابد وبين الآثار المصرية ترتقي بالذوق العام وتصل طاقة رقي وإبداع دار الأوبرا في كل مكان ولكل إنسان على أرض الكنانة وتعود مصرنا منارة للثقافة والعلم والتقدم.
الأعمال المعروضة في المقال لمهندس الديكور المبدع / محمد عبد الرازق من داخل دار الأوبرا المصرية بالزمالك.







